تاريخ اليوم:

 

أكد متابعون لشأن السيارات في الجزائر أن سعي الحكومة لتقنين تجارة السيارات الجديدة من طرف الخواص، هو بمثابة إيجاد بديل لوكلاء السيارات الذين لم يتحصلوا على أي رخصة للإستيراد.

ويؤكد المتابعون أن المعلومات المسربة من مبنى وزارة الصناعة والتي تفيد رفض جميع ملفات استيراد السيارات، جعل الحكومة تفكر في بديل مؤقت وهو تشجيع الخواص على استيراد السيارات من خلال تقنين نشاطهم.

وكانت جريدة الشروق أمس نقلت عن مصادر بوزارة التجارة، عن الشروع في إعداد قوانين وشروط صارمة لتنظيم نشاط بيع السيارات الجديدة من طرف التجار، بعد انتشار قاعات عرض السيارات متعددة العلامات في كثير من ولايات الوطن، والتي باتت تستقطب أعدادا متزايدة من الزبائن الباحثين عن سيارة جديدة في عز الندرة.

وأكدت مصادرنا أن سعي الوزارة لتنظيم هذا النشاط، جاء بهدف حماية الزبائن من تجار السيارات الذين باتوا يمارسون نشاط استيراد وتسويق السيارات الجديدة بطريقة فوضوية بعيدا عن أعين الرقابة، ومنهم من فرض ممارسات مخالفة للقانون، بالإضافة إلى تنامي نشاط العديد من الشركات الأجنبية التي باتت تصدر السيارات إلى الجزائر بكميات كبيرة وبأسعار خيالية، مع إلزام الزبائن بالتحويلات الإلكترونية للأموال، ما تسبب في العديد من التجاوزات والشكاوى.

تحقيقات في تعاملات مشبوهة لبعض الوكلاء

ومعلوم أن نشاط بيع السيارات الجديدة بات مهنة رائجة في ظل أزمة وندرة السيارات في الجزائر، والتي دخلت عامها الثالث مع تحذيرات المختصين من ضبابية المشهد وتسجيل سنة بيضاء جديدة، ما رفع نسبة الطلب للحصول على السجلات التجارية الخاصة بفتح محلات وقاعات عرض لبيع السيارات، وهذا ما جعل وزارة التجارة تقرر فرض شروط جديدة على ممارسي هذا النشاط لضمان شفافية أكبر بخصوص عملية البيع والشراء وتحويل الأموال والضمانات المقدمة للزبائن، مع إحصاء جميع الناشطين في هذا المجال والوقوف على طريقة حصولهم على السيارات الجديدة وطريقة بيعها، خاصة بعد تنامي ظاهرة المتاجرة برخص المجاهدين.

وفي ظل الأعداد المتزايدة لدخول السيارات الجديدة إلى الجزائر من طرف الخواص وممتهني نشاط بيع المركبات، تسعى وزارة التجارة إلى تأطير وتنظيم هذا السوق، ووقف العديد من التجاوزات، حيث شرعت في تحقيقات معمقة بخصوص العديد من الوكلاء الذين أعلنوا عن تخفيضات مغرية تصل 100 مليون سنتيم على بعض موديلات السيارات، مع اشتراط دفع الزبائن لتسبيقات تتراوح بين 150 و180 مليون مع مدة انتظار تتجاوز شهرين لاستلام السيارة، فضلا عن توقيف ومحاكمة بعض تجار السيارات الذين احتالوا على عشرات الزبائن، ما يجعل ضبط تجارة السيارات الجديدة أكثر من ضرورة لحماية الجزائريين من الاحتيال، وهو ما تسعى وزارة التجارة لتجسيده من خلال فرض الرقابة على هذا النشاط وتقييده بشروط جديدة .

وتجدر الإشارة أن تزايد نشاط تجار السيارات جاء بعد تجميد نشاط الوكلاء المعتمدين لاستيراد وتسويق السيارات، والذين حذروا مؤخرا من تنامي الاحتيال في تسويق السيارات الجديدة من طرف الدخلاء، وغياب كلي للضمانات على السيارات التي تدخل السوق.

من جهة أخرى كشفت  مصادر إعلامية أن القرار الأخير الذي جمع اللجنة المكلفة بدراسة ملفات استيراد السيارات الأربعاء الماضي قررت رفض جميع ملفات استيراد السيارات البالغ عددها 74 ملفا.

القرار شكل صدمة لوكلاء السيارات وللرأي العام بعد ثلاثة سنوات من الإنتظار ومن الوعود المتكررة لوزارة الصناعة بقرب انفراج الملف.

واتصلت ذات المصادر  بالسيد فتحي جمعي أحد ممثلي الوكلاء طالبي الاعتماد وأفاد  بالتصريح التالي تعقيبا على خبر رفض كافة ملفات الاستيراد:

“يجب علينا أولا و قبل كل شيء أن ننوه بالسابقة التي لا مثيل لها في التاريخ، و هي أن المواطن صار هو من يحث الدولة و يصر عليها حتى تطبق قوانينها!! و الدولة التي مهمتها صياغة القوانين والسهر دون هوادة على تطبيقها هي من جانبت الصواب في عدم تطبيق القوانين السارية، دون رقيب أو حسيب و دون الأخذ في الإعتبار تبعات تصرفات مثل هذه.

و الخطر كل الخطر هو أن تنجر على عدم الكفاءة خسائر كبيرة للدولة الجزائرية هي في غنى عنها.

نحن من جهتنا لن نستسلم، الجزائر فيها عدالة؛ و سنعمل على استرجاع حقوقنا كاملة غير منقوصة. كنا فقط ننتظر الاعتماد، الآن نحن نطالب بالإعتمادات و تعويض الخسائر الناتجة عن التأخير غير القانوني.

من جهة أخرى، لا يجب أن نغفل عن شيء مهم: العقود الحصرية الممضاة مع الشركاء الأجانب طبقا للقانون، نتجت عنها أمور تقنية و تنظيمية كلفتهم (الشركاء الأجانب) مبالغ معتبرة. هل حسبت الجهة التي قررت رفض كل الملفات حساب قضايا تعويض دولية؟ لا أظن ذلك. ولا نتمنى حدوث هذا، و لكن معرفتنا بعالم المال و الأعمال تجعلنا ننتظر ردة فعل قوية من جهتهم.

في الوقت الذي -نحن الوكلاء- نعاني من تعسف الإدارة، تتساهل هذه الأخيرة مع الاستيراد الفوضوي و غير المقنن. لفائدة من؟ الله أعلم، الأكيد أنه ليس لفائدة الجزائر و الاقتصاد الجزائري.

من هذا المنبر اسمحوا لي رجاءا أن أبلغهم هذه الرسالة:

من الممكن أن نكون قد خسرنا مشاريعنا، خسرتم احترامنا و احترام شركائنا الأجانب. خسرتم احترام آلاف النساء و الرجال الذين كانو ينتظرون سيارة في بلد صارت فيه السيارات من الضروريات. خسرتم احترام آلاف الناس الذين كانوا سيعملون في هذه المشاريع. خسرتم ثقة متعاملين اقتصاديين أجانب لم يتخيلوا هذا السيناريو.

مهما تكن الإجراءات المستقبلية التي ستتخذها الدولة، يجب الأخذ في الاعتبار تبعات هذه التصرفات، لأنها لن تمر دون حساب، ببساطة لأننا في دولة لها جهاز عدالة.. و لأن الشركاء الأجانب المتضررين سيعملون أيضا على تعويض خسائرهم من خلال محاكم بلدانهم.

نحن اليوم نلمس الواقع، كل الخطابات والوعود الرنانة التي تتكلم على خلق الثروة و استقطاب الاستثمارات الأجنبية تكسرت. الواقع هو التعسف و التذبذب و غياب النظرة المستقبلية.” انتهى التصريح.

وكان قبل شهر قد كشف المدير العام لتطوير الصناعة، بوزارة الصناعة زايد أحمد سالم عن انفراج قريب في ملف السيارات ، بتوزيع الإعتيمادات الأولى للإستيراد خلال الأيام القادمة

وطمأن حينها المدير بنهاية أزمة السيارات في الجزائر قريبا بطي الملف الذي أثار الكثير من الجدل، من خلال الرد على طلبات المستوردين، ممثلين في وكلاء السيارات المودعين لملفات استيراد بعض العلامات من الخارج من جهة، وإعادة بعث نشاط التركيب على مراحل، وتخصيص دفتر شروط لكل صنف من أصناف المركبات، أي دفتر شروط للحافلات وآخر للدراجات والدراجات النارية ودفتر ثالث للشاحنات والمركبات الثقيلة، ودفتر للجرارات الصناعية.

وأعلن ممثل وزارة الصناعة أن 13 من أصحاب المجمعات الصناعية الكبرى في الخارج يرغبون في  للاستثمار في الجزائر، مع حصر عدد أصحاب المصانع الجدد، لعدم بلوغ السوق الوطنية مرحلة الفائض الكبير، “فلا يمكن منح الاعتماد لـ40 مصنّعا عالميا”، وفقا لما يؤكده المدير العام لتطوير الصناعة، بوزارة الصناعة زايد أحمد سالم.

غير أن وعود ممثل وزارة الصناعة ذهبت أدراج الرياح ، في انتظار تأكيد وزارة الصناعة خبر رفض جميع الملفات من عدمه .

كريم عامر

المصدر : الشروق

واجهة السيارات