تاريخ اليوم:

تعمل لجنة خاصة بوزارة الصناعة على تحديد كيفية احتساب نسبة الإدماج في مصانع السيارات في الجزائر، سواء سارية العمل أو التي ستشرع في الإنتاج مستقبلا، من خلال إعداد جدول تفصيلي يشمل كل جزء من مكونات السيارة، سواء كان من المجموعات الكبرى أو الفرعية، مع تحديد نسبة مساهمة كل مكون في القيمة الإجمالية للمركبة. ويتم احتساب الإدماج انطلاقا من مدى تصنيع المكوّن محليا، بدءا من المواد الخام وصولا إلى مرحلة التجميع، مع الأخذ بعين الاعتبار حجم الإنتاج السنوي لكل قطعة.

 

فعلى سبيل المثال، يتم حساب نسبة إدماج البطارية بناء على عدد الوحدات المصنعة محليا، ومدى اعتمادها على مكونات محلية، والعمليات الصناعية المنفذة داخل الجزائر، الأمر ذاته يُطبق على الزجاج، الهياكل، الأسلاك، الأنظمة الكهربائية، والفرش الداخلي وغيرها.

معايير جديدة للسيارات المصنعة بالجزائر

ويتم تجميع كل هذه النسب في جدول موحد يعكس النسبة الإجمالية للإدماج في السيارة المنتجة، ما يسمح للسلطات بتقييم مدى التزام كل مصنع بالمعايير، وتمييز الإنتاج الحقيقي عن مجرد التركيب البسيط.

النسبة الإجمالية للإدماج التي تعمل اللجنة التقنية على ضبطها، سيتم ترسيمها في شكل مقرر وزاري تطبيقي يصدر عن وزارة الصناعة، ويُعد بمثابة نص مكمل للمرسوم التنفيذي رقم 22 – 384 المؤرخ في 15 نوفمبر 2022، والذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة نشاط تصنيع المركبات في الجزائر، هذا النص الجديد لن يُراجع دفتر الشروط المعتمد، بل سيُوضّح بشكل تفصيلي آليات احتساب نسبة الإدماج، ويُلزم كل المتعاملين الصناعيين بتقديم جداول إدماج دقيقة، تُرفق بكل مشروع إنتاجي يرغب في الحصول على الاعتماد.

ويأتي هذا النص تطبيقيا لسد الفراغ الموجود في مسألة “نسبة الإدماج”، التي كانت تُطرح بشكل عام في المرسوم، دون تحديد تقني دقيق لكيفية حسابها أو معايير تقييمها. وبموجب هذا المقرر، ستُعتمد نسب إدماج رسمية لكل مكوّن من مكونات السيارة، وستُقيّم المشاريع الصناعية بناء على مدى مطابقتها لتلك النسب.

 

نحو صناعة تنافسية وتصدير بلا رسوم جمركية

ومن الناحية الاقتصادية والتجارية، فإن هذا العمل سيمكن الجزائر من تطبيق مبدأ المنشأ الجزائري، بحيث تُصنّف المركبات المنتجة محليًا، والتي تتجاوز نسبة إدماجها 30 بالمائة بالنسبة للأسواق الأوروبية، و40 بالمائة للأسواق الإفريقية، على أنها “مصنوعة في الجزائر” وفقا للاتفاقيات التجارية الإقليمية والدولية، إذ أن هذا التصنيف يمنحها امتيازات جمركية هامة، أبرزها الدخول إلى تلك الأسواق دون دفع رسوم جمركية، ما يمنح الصناعة الوطنية تنافسية أكبر ويشجع على التصدير، شريطة احترام معايير الجودة وشهادات المطابقة.

وأوضحت مصادر لجريدة الشروق أن الاجتماعين المنعقدين يومي السبت والاثنين الماضيين، بمقر وزارة الصناعة، تحت إشراف الوزير سيفي غريب، بحضور عدد من المتعاملين الاقتصاديين الناشطين في مجال تصنيع السيارات وقطع الغيار والمناولة، إلى جانب ممثلين عن وزارة الصناعة، وبورصة المناولة، ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، وخبراء ومختصين، شكّلا منعطفا حاسما في مسار تطوير صناعة السيارات في الجزائر، لاسيما في ما يتعلق بتحديد نسبة الإدماج وآليات احتسابها بدقة.

وبحسب ذات المصادر، فقد استعرض الوزير خلال الاجتماع الأول مشروعه لإعادة هيكلة القطاع الصناعي، مركّزًا على مسألة الإدماج الصناعي في المركبات المركبة محليًا، حيث أصدر تعليمات صارمة بضرورة إعداد جداول إدماج مفصلة تُلزم بها جميع وكلاء السيارات الراغبين في الإنتاج داخل الجزائر، كما أمر بإعداد وثيقة تنظيمية تحدد بوضوح كيفية احتساب نسبة الإدماج بشكل تدريجي وفعّال.

وفي السياق ذاته، تم تنصيب لجنة تقنية مختلطة تضم ممثلين عن المتعاملين في القطاع، وإطارات من وزارة الصناعة، وممثلين عن بورصة المناولة ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، إلى جانب خبراء متخصصين في مختلف فروع صناعة السيارات، وقد عقدت اللجنة أول اجتماع لها يوم الاثنين بحضور الوزير، حيث تم عرض خارطة طريق مفصلة تشكّل أساس العمل للفترة المقبلة.

وناقشت اللجنة عددا من المحاور الأساسية، أبرزها تحديد معالم تصنيع السيارات في الجزائر، وإعداد بطاقية وطنية للمُنتجين المحليين لقطع الغيار والمناولين، وجرد التجهيزات والمواد الأولية المتوفرة محليا، والتي يمكن توجيهها نحو الصناعة، كما تقرر الاستعانة بخبراء متخصصين في كل فرع من فروع الصناعة، من خلال إعداد قائمة مرجعية دقيقة تضم الأسماء والكفاءات.

ومن بين الملفات الحيوية التي طُرحت للنقاش، ملف التقييس والمطابقة، حيث تسعى اللجنة إلى ضمان أن جميع القطع المنتَجة محليًا تستجيب لمعايير الجودة، وتحصل على شهادات المطابقة، بما يفتح الباب أمام تصدير السيارات الجزائرية إلى الأسواق الخارجية دون عراقيل.

وفي هذا الإطار، ستُعتمد جداول إدماج دقيقة تشمل كل مكوّن من مكونات المركبة، وتُحدد نسب إدماج كل جزء على حدة، فعلى سبيل المثال، سيتم احتساب البطارية كنسبة إدماج كاملة إذا صُنّعت محليا، مع تحديد حجم الإنتاج السنوي الممكن، وينطبق ذلك أيضًا على الزجاج وباقي الأجزاء، وذلك ضمن مقاربة تقنية تأخذ بعين الاعتبار الواقعية والطموح في آن واحد.

 

الإدماج يقاس بعمق التصنيع وليس بالتركيب فقط

ويمثّل هذا التوجه تمهيدا عمليا لتطبيق مبدأ “المنشأ الجزائري”، حيث يُرتقب تصنيف السيارات التي تتجاوز نسبة الإدماج بها 30 بالمائة بالنسبة للأسواق الأوروبية، و40 بالمائة للأسواق الإفريقية، على أنها “مصنوعة في الجزائر”، ما يؤهلها للاستفادة من امتيازات جمركية هامة ضمن اتفاقيات التبادل الحر. وأكدت مصادر “الشروق” أن اللجنة تعكف على إعداد مقرر وزاري تطبيقي يُكمّل المرسوم التنفيذي رقم 22 – 384 المؤرخ في 15 نوفمبر 2022، والذي يحدّد شروط وكيفيات ممارسة نشاط تصنيع المركبات، وسيُضبط هذا المقرر كيفية احتساب نسبة الإدماج بدقة وشفافية، ما يمنح المستثمرين رؤية واضحة طويلة المدى، ويُعزز من مصداقية القطاع.

 

المصدر : جريدة الشروق

 

عن الكاتب

  • كريم خالدي

    صحفي متخصص في السيارات

واجهة السيارات