تاريخ اليوم:

كشف تقرير المفتشية العامة للمالية المتعلق بملف السيارات المستوردة والتلاعب بالفواتير مع التهرب الضريبي، المتابع فيه إطارات من الجمارك ووكلاء العبور والعاملون بميناء الجزائر، عن فساد رهيب في تبديد الملايير من الدينارات بالعملة الوطنية والصعبة في عمليات مشبوهة لاستيراد مركبات عن طريق تزوير وتخفيض القيمة المصرح بها، واستعمال نفس المراجع أكثر من مرة لجمركة سيارات سياحية فخمة، فضلا عن التصريح الكاذب بخصوص الحالة والوضعية الحقيقية للمركبة والتلاعب في عداد مسافات السير، والأبعد من ذلك استيراد مركبات متضررة من حوادث سير أو مستعملة أو تعرضت لأضرار ناجمة عن فيضانات، على أنها سيارات حديثة وعمرها أقل من 3 سنوات وما خفي أعظم.

 

تزوير وتخفيض القيمة المصرح بها واستعمال نفس المراجع أكثر من مرة

استيراد سيارات مغشوشة من فرنسا ودبي

وفصّل تقرير المفتشية العامة للمالية في جميع التجاوزات والمعاملات غير القانونية المسجلة في استيراد السيارات، والمتمثلة أولا في الاختلالات المرتبطة بالوثائق المرفقة بالتصاريح الجمركية، في شقها المتعلق بفواتير الشراء، حيث كشفت التحقيقات في مدى صحة الفواتير عن وجود 72 حالة تزوير بهدف تخفيض القيمة المصرح بها لدى الجمارك، كما تم إحصاء 22 فاتورة تحوي سعريْن مختلفين، أحدهما بالأرقام والآخر بالحروف.

 

وفيما يخص شهادات المطابقة، كشف تقرير المفتشية العامة للمالية أن 112 مركبة قادمة من فرنسا تم إدخالها إلى التراب الوطني بدون شهادة مطابقة، حيث قدم المستوردون بدلا عنها استمارات خاصة بطلب ترقيم المركبة جديدة مملوءة ومختومة في غالب الأحيان من طرف أصحاب ورشات سيارات.

 

أما فيما يتعلق بالمركبات المستوردة من الإمارات العربية المتحدة، سمحت عملية التحقق من صحة شهادات المطابقة عبر الموقع الإلكتروني لهيئة التقييس لدول مجلس التعاون الخليجي برصد 54 شهادة مقدمة للجمركة، اشتملت على معلومات تتباين وتلك الواردة بالشهادات المحفوظة في قاعدة البيانات لذات الموقع، من حيث الأصناف والخصائص والمراجع المشار إليها، كما أن هذه العملية سمحت بإحصاء 82 شهادة أخرى لا وجود لها أصلا في قاعدة البيانات.

 

سيارات لا وجود لها في قاعدة البيانات والتلاعب في عداد مسافات السير

 

ويقول التقرير أيضا إنه من مجموع 163 مركبة مستوردة من إمارة دبي بواسطة شهادات مطابقة مصادق عليها من هيئة التقييس لدول مجلس التعاون الخليجي”GSO”  يوجد 25 منها تحمل نفس المراجع وتم استعمالها أكثر من مرة لجمركة 123 مركبة من نوع مختلف.

 

وبخصوص المطابقة، فقد توصل تقرير الخبرة إلى أنه من ناحية الشكل، تبين أنه تم تكليف خبراء تأمين غير معتمدين من طرف إدارة المناجم بإجراء 74 خبرة مطابقة، علاوة على ذلك، فقد تم إعداد 56 محضرا للخبرة المطابقة حررت بطريقة تختلف عن النموذج المحدد في الملحق السابع من المرسوم التنفيذي رقم 05-18 المؤرخ في 15 جانفي 2018 الذي يحدد تنظيم مراقبة مطابقة المركبات وكيفيات ممارستها.

 

ومن ناحية عدد خبرات المطابقة المنجزة من قبل كل خبير ينشط على مستوى ميناء الجزائر، يوضح التقرير ذاته أنه تم تسجيل تفاوتات صارخة بالنسبة للملفات المدروسة، وفي هذا الشأن تبين أن الخبير “ع.م” أنجز لوحده 608 خبرة، أجريت أغلبيتها دون القيام بالمعاينة الفعلية للمركبات.

 

كما أن جمركة 129 مركبة أسفرت نتائج الخبرة عن تطابقها مع المواصفات التنظيمية المعمول بها، غير أنها عمليا كانت قد تجاوزت السنة ابتداء من تاريخ تصنيعها إلى غاية جمركتها، وفي هذا الصدد أشار المحققون إلى أن مفهوم سنة أول استعمال المركبة الجديدة وفق التعريف الذي نصت عليه المادة 08 من المرسوم التنفيذي رقم 05-18 المؤرخ في 055 جانفي 2018، يشوبه بعض الغموض، وهذا ما استوجب تفسيرها من طرف الوزارة المكلفة بالمناجم، التي أبدت بعض التساهل بشأن المركبات المستوردة من طرف الخواص، على خلاف الحال بالنسبة للوكلاء المعتمدين الذين أقرت بشأنهم مجمل القيود المنصوص عليها قانونا.

 

وبالمقابل، فضح تقرير المفتشية العامة للمالية التلاعب المقنن في مسافات سير المركبات المستوردة وفواتير شرائها، والتصريح الكاذب بالوضعية الحقيقية لها، إذ تم حصر 66 حالة تخص مركبات خضعت لخبرات مطابقة خلصت في مجملها إلى أنها مستوردة في حالة جديدة، رغم أن نفس المحاضر تشير إلى أنها قطعت مسافات تتراوح ما بين 1000 و5300 كلم.

 

وفي هذا السياق بالضبط، تم معاينة حالات مماثلة لمركبات خضعت لخبرة مطابقة على أساس أنها جديدة، غير أن فواتير الشراء تشير إلى عكس ذلك بالنظر إلى المسافات الكيلومترية التي قطعتها هاته المركبات حسب ما هو مذكور فيها، فعلى سبيل المثال، إحدى هذه المركبات قطعت مسافة 20585 كلم.

 

فيما تم تسجيل 33 حالة بعد معاينتها تمثل تعارضا واضحا بين نتائج خبرة المطابقة القائلة باستيراد المركبات على حالة جديدة ومحتوى الوثائق الأخرى المرفقة بالتصريحات الجمركية التي تثبت بأنها مركبات متضررة من حوادث سير أو مستعملة أو تعرضت لأضرار ناجمة عن فيضانات.

ويحقق في ملف الحال حاليا قاضي تحقيق الغرفة الأولى لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، والذي أمر في 31 ماي 2023 بإيداع 13 إطارا جمركيا الحبس المؤقت، بينهم امرأة، فيما تم وضع آخرين، تحت إجراء الرقابة، بينهم كذلك امرأة حامل، كما أمر أيضا في 1 جوان 2023 بإيداع 12 وكيلا للعبور الحبس المؤقت، بعد أن وجهت له تهم تضمنها قانون العقوبات ومكافحة الفساد والوقاية منه 01 / 06 على غرار مخالفة التشريع الجمركي، التلاعب بالفواتير، التهرب الضريبي، إساءة استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين، قبول مزية غير مستحقة وغيرها.

المصدر : جريدة الشروق

عن الكاتب

  • كريم خالدي

    صحفي متخصص في السيارات

واجهة السيارات