طالت أزمة السيارات في أوروبا كبرى الشركات العالمية على غرار فولكس فاغن وستيلانتيس ورونو وغيرها، حيث تعاني هذه العلامات الكبرى من تراجع حاد للمبيعات وتسريح ألاف العمال، أمام المنافسة الصينية الشرسة، وتسعى للبحث عن أسواق بديلة لتخفيض تكاليف الإنتاج و استحداث قواعد استراتيجية للتصدير نحو مختلف البلدان الإفريقية والعربية ، وهنا تأتي الجزائر في أفضل رواق وأحسن بديل لهذه العلامات خاصة وأنها سوق متعطشة للسيارات بعد سنوات طويلة من تجميد الإستيراد والتصنيع.
ومع اعلان وزارة الصناعة في الجزائر منح الإعتمادات النهائية لستة مصانع والتي ستشرع في الإنتاج سنة 2025، وذلك من أصل 36 طلب تم ايداعه على مستوى الوزارة، فإنه من المرجح أن يشهد عدد الإعتمادات الممنوعة للمصانع ارتفاعا سنة 2025، بسبب رغبة العديد من العلامات الآسيوية الكبرى دخول غمار صناعة السيارات بالجزائر.
وفي هذا السياق تهدف مجموعة ستيلانتيس بالجزائر الى تصنيع المزيد من العلامات على غرار فيات حيث قدمت طلبا رسميا لدى وزارة الصناعة لإستيراد وتصنيع كل من علامات أوبل وألفا روميو وجيب وهذا ما يعني أن مجموعة ستيلانتيس تسعى لتكون الجزائر إحدى أهم قواعدها الصناعية الكبرى في الجزائر، كما أعلنت علامة إيفيكو عودتها رسميا للتصنيع في الجزائر وهذا ما يفتح الشهية للعديد من العلامات الأوربية الأخرى التي ترى في الجزائر سوقا استراتيجيا متعطشا للسيارات، خاصة مع التحفيزات التي تقدمها الحكومة الجزائرية للمستثمرين.
وسيؤدي إنشاء مصانع إنتاج في الجزائر إلى تعزيز فرص التوظيف وخلق منظومة صناعية متكاملة تعتمد على تجميع وتصنيع السيارات ومكوناتها، مما يساهم في خفض تكاليف الاستيراد وتطوير الكفاءات الوطنية في هذا القطاع.
وبالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، يمكن أن يسهم وجود هذه الشركات العالمية في نقل المعرفة والتقنيات الحديثة إلى الجزائر، مما يساعد في بناء قدرات محلية ذات خبرة في صناعة السيارات.
ومع ارتفاع الطلب المحلي وتزايد الوعي بأهمية السيارات الموفرة للطاقة، يمكن أن تتحول الجزائر في المستقبل إلى مركز إقليمي رئيسي لتصنيع وتصدير السيارات، خاصة نحو دول أفريقية مجاورة تعاني من محدودية الإنتاج وتستورد معظم احتياجاتها من الخارج.
ومن هذا المنطلق، يبدو أن الأزمة الأوروبية قد تُشكّل فرصة ذهبية للجزائر لتأسيس صناعة سيارات محلية قوية ومستدامة، مدعومة بطلب محلي كبير وقدرة على تلبية احتياجات سوق إقليمية واسعة.
وفي هذا السياق أعلنت شركة ستيلانتيس، إحدى أكبر شركات صناعة السيارات في العالم، خطة لتسريح 1100 عامل في مصنعها لسيارات جيب بمدينة توليدو بولاية أوهايو الأمريكية.
يأتي القرار الصعب في إطار سعي الشركة لاستعادة قدرتها التنافسية في ظل التحديات التي تواجه صناعة السيارات عالميًا، والتي تشمل تراجع المبيعات وتغير تفضيلات المستهلكين.
وشهدت شركة ستيلانتيس، التي تضم علامات تجارية شهيرة مثل فيات وكرايسلر وبيجو، تراجعًا في مبيعات سياراتها خلال الربع الثالث من العام الحالي، مما اضطرها إلى اتخاذ إجراءات لخفض التكاليف.
وحسب تقرير صادر عن وكالة “رويترز” للأنباء، تتواجد مجموعة “ستيلانتس”، التي تضم علامات كبيرة في صورة فيات وبيجو وأوبل، في وضعية جدّ صعبة لم تعرفها من قبل، حيث انخفضت مبيعاتها للسيارات بنسبة 27 من المائة، وهي نسبة قد تؤدّي حتما الى اغلاق مصانعها أو تحويل سلاسل انتاجها إلى بلدان أخرى.
ووفقا لذات المصدر، يواجه مصنع “فيات” الكائن مقّره في مدينة تورينو الإيطالية شبح الإغلاق، بعد أن كان يعج بـ 60 ألف موظف وينتج 01 مليون سيارة سنويا، تصدّر الى مختلف أنحاء العالم.
ويرجع السبب في انخفاض مؤشر صناعة السيارات في أوروبا، إلى التطور الكبير والسريع الذي تعرفه هذه الصناعة في الصين، حيث تقوم الأخيرة بتطوير سيارة جديدة كل سنة، في حين تطور أوروبا سيارة جديدة كل 04 سنوات، وهو ما يجعل جاذبيتها لدى المستهلكين ضعيفة.
وتعدّ التشريعات القانونية التي أصدرها البرلمان الأوربي، والقاضية بمنع بيع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري بعد عام 2035، دور في اضعاف الصناعة المحلية، إلى جانب تقليص حكومات أوروبية دعمها لصناعة السيارات، حيث عمدت إيطاليا لتقليص دعمها المقدم لهذا القطاع لحساب قطاعات أخرى، بالرغم من أن هذه الصناعة تساهم بـ 07 من المائة في الناتج المحلي في أوربا.
وفي الصين، أكدت بيانات رسمية، عن تمكن عملاق صناعة السيارات الصينية “بي واي دي- BYD”، من تحقيق ايرادات فصلية كبيرة خلال الربع الثالث من العام الجاري، بقيمة مالية قدّرت بـ 28,2 مليار دولار أمريكي، متجاوزت العملاق الأمريكي “تيسلا”، حيث بلغت قيمة الإيرادات الفصلية لشركة إيلون ماسك، 25.2 مليار دولار